responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 389
[سورة الأنفال (8): آية 24]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) هَذَا الْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُصَدِّقِينَ بِلَا خِلَافٍ. وَالِاسْتِجَابَةُ: الْإِجَابَةُ. وَ (يُحْيِيكُمْ) أَصْلُهُ يُحْيِيُكُمْ، حُذِفَتِ الضَّمَّةُ مِنَ الْيَاءِ لِثِقَلِهَا. وَلَا يَجُوزُ الْإِدْغَامُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَعْنَى" اسْتَجِيبُوا" أَجِيبُوا، وَلَكِنْ عُرْفُ الْكَلَامُ أَنْ يَتَعَدَّى اسْتَجَابَ بِلَامٍ، وَيَتَعَدَّى أَجَابَ دُونَ لام. قال الله تعالى:" يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ «[1]» ". وَقَدْ يَتَعَدَّى اسْتَجَابَ بِغَيْرِ لَامٍ، وَالشَّاهِدُ لَهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ «[2]»:
وَدَاعٍ دَعَا يَا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النِّدَى ... فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ
تَقُولُ: أَجَابَهُ وَأَجَابَ عَنْ سُؤَالِهِ. وَالْمَصْدَرُ الْإِجَابَةُ. وَالِاسْمُ الْجَابَةُ، بِمَنْزِلَةِ الطَّاقَةِ وَالطَّاعَةِ. تَقُولُ: أَسَاءَ سَمْعًا فَأَسَاءَ جَابَةً [3]. هَكَذَا يُتَكَلَّمُ بِهَذَا الْحَرْفِ. وَالْمُجَاوَبَةُ وَالتَّجَاوُبُ: التَّحَاوُرُ. وَتَقُولُ: إِنَّهُ لَحَسَنُ الْجِيبَةِ (بِالْكَسْرِ) أَيِ الْجَوَابُ. (لِما يُحْيِيكُمْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ:" اسْتَجِيبُوا". الْمَعْنَى: اسْتَجِيبُوا لِمَا يُحْيِيكُمْ إِذَا دَعَاكُمْ. وَقِيلَ: اللَّامُ بِمَعْنَى إِلَى، أَيْ إِلَى مَا يُحْيِيكُمْ، أَيْ يُحْيِي دِينَكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ. وَقِيلَ: أَيْ إِلَى مَا يُحْيِي بِهِ قُلُوبَكُمْ فَتُوَحِّدُوهُ، وَهَذَا إِحْيَاءٌ مُسْتَعَارٌ، لِأَنَّهُ مِنْ مَوْتِ الْكُفْرِ وَالْجَهْلِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالْجُمْهُورُ: الْمَعْنَى اسْتَجِيبُوا لِلطَّاعَةِ وَمَا تَضَمَّنَهُ الْقُرْآنُ مِنْ أَوَامِرَ وَنَوَاهِي، فَفِيهِ الْحَيَاةُ الْأَبَدِيَّةُ، وَالنِّعْمَةُ السَّرْمَدِيَّةُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ" لِما يُحْيِيكُمْ" الْجِهَادُ، فَإِنَّهُ سَبَبُ الْحَيَاةِ فِي الظَّاهِرِ، لِأَنَّ الْعَدُوَّ إِذَا لَمْ

[1] راجع ج 16 ص 217.
[2] هو كعب بن سعد الغنوي يرث ى أخاه أبا المغوار.
[3] أصل هذا المثل على ما ذكر الزبير بن بكار أنه كان لسهل بن عمر بن مضعوف فقال له إنسان: أين أمك (بفتح الهمزة وتشديد الميم المضمومة) أي أين قصدك، فظن أنه يقول له: أين أمك، (بضم الهمزة والميم) فقال: ذهبت تشترى دقيقا. فقال أبوه: أساء سمعا ... إلخ. (عن اللسان).
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 389
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست